الخوف فعل شائع تثيره مواقف عديدة ، ويأخذ أشكالاً متعددة الدرجات ، فقد يكون لمجرد الحذر ، أو يصل إلى الهلع أو الرعب ، ويعتبر الخوف إحدى القوى التي قد تعمل على البناء أو الهدم في تكوين الشخصية ونموها ، فإذا سيطر العقل على الخوف أصبح هذا من أعظم القوى نفعاً للمجتمع وأصبحت له قيمة بنائية فائقة.{7}
تعريف الخوف عند الأطفال
تعد مخاوف الطفل ظاهرة طبيعية على الأقل إلى حد معين ، ويؤكد علماء النفس على أنه من الضروري أن نميز بين المخاوف الطبيعية إبان الطفولـة والمخاوف العصابية التي تميزها طريقة الشعور أكثر من الخوف نفسه.{4}
والخوف هو انفعال يتضمن حالة من التوتر تدفع الشخص الخائف إلى الهرب من الموقف الذي أدى إلى استشارة خوفه حتى يزول التوتر و تتميز مخاوف الأطفال بعـدم الثبـات وبالتغير مع التقدم في العمر ، وتزول عند الطفل بعض المخاوف لتحل محلها مخاوف أخرى.{8}
ومن المفيد من الناحية العلمية و التربويـة أن نقـسم الخوف عند الأطفال حسب موضوعه إلى حسي و غير حسي ، فموضوعات الأولى يمكـن للطفـل إدراكها بحواسه المختلفة بخلاف موضوعات الثانية ، إذ لا يمكن للطفل إدراك حقيقتها.{3}
وانطلاقاً مما سبق يمكن القول أن الخوف عبارة عن انفعال و حالة توتر تجعل الطفل يفر من الموقف الذي أثار خوفه ، حيث تتميز بعدم الثبات والتغير حسب العمر الزمني للطفل ، كما أنها تنقسم إلى مخاوف حسية كالخوف من الطبيب ، ومخاوف غير حسية كالخوف من الموت.
أسباب الخوف عند الطفل
توجد أسباب عديدة يمكن أن تدفع الطفل إلى أن يخاف في مواقف مختلفة ، ومن بين هـذه الأسباب ما يلي :- تعرض الطفل لمواقف ومثيرات غريبة ومنفردة تحدث ألماً نفسياً فيخاف منهـا وبتكرار هذه المواقف والمثيرات يثبت انفعال الخوف لدى الطفل ويستمر.
- ينبعث الخوف في نفس الطفل من خلال تخويفه بأشياء كانت تبدو له طبيعيـة ولكنهـا ارتبطت في ذهنه بمواقف مؤلمة مخيفة.
- تقليد الأطفال للكبار في مخاوفهم.
- القصص المخيفة والمبالغ فيها.
- العقاب المستمر للطفل يعوده على عدم الثقة ويعرضه لظهور الخوف.
- المقارنات بين الأطفال وتوليد الخوف من الفشل.{3}
- التربية الخاطئة القائمة على النقد والتـوبيخ.
- الـضغط والمتطلبات الزائدة ، حيث أن مثل هذه الأساليب تنتج أطفالا خوافين بشكل عام أو أطفال يخافون مـن السلطة بشكل خاص.
- الصراعات الأسرية ، حيث تؤدي الصراعات بين الأبوين أو بين الأخوة ، أو بـين الآبـاء والأبناء إلى جو متوتر في البيت ، والشعور بعدم الأمن ، والأطفال الذين لا يشعرون بالأمن يحسون بأنهم أقل قدرة من غيرهم على التعامل مع مخاوفهم العادية.{6}
أنواع خوف عند الأطفال
الخوف الموضوعي
هو غريزي وهو حالة يحسها الطفل عندما يخاف مما شيء مخيف بالفعل ، وهو خوف له مصادر حقيقية واقعية ومحددة ، كما أنه الأكثر شيوعاً بين الأطفال ويمكن ملاحظته بسهولة لأنهم يعبرون عنه بوضوح.
من المخاوف الموضوعية : الخوف من الرعد والبرق ، والأماكن العالية ورجال الشرطة ، والحيوانات ، والخوف من الأشياء الجديدة الغريبة فقد يخاف الطفل من مقابلة الغرباء ، والخوف من الظلام والنار.
وهذا النوع سرعان ما يزول بنمو الطفل وتقدمه بالسن وتعرفه على هذه الموضوعات الطبيعية.الخوف المرضي(الرهاب)
من المخاوف المرضية : الخوف من الموت والخوف من العفاريت. والخوف من البقاء منفرداً في المنزل.{7}
مظاهر الخوف عند الأطفال
الوقاية من الخوف عند الأطفال
- تجنيب الطفل المواقف المثيرة للخوف : أي تجنيب الطفل المواقف التي تبعـث علـى الخوف ، وإذا لم يكن ذلك ممكن فيجب تعويد الطفل على تلك المواقف المثيرة للخوف.
- عدم إجبار الطفل على مواجهة المواقف التي تثير انفعال الخوف بقوة : إذ أن إجبـاره على ذلك بطريقة تنفره منها أكثر وأكثر يزيد مخاوفه ، بل يجب توضيح الأمور الغريبة والجديـدة للطفل وتقريبها من إدراك الطفل وفهمه.
- عدم تهديد الطفل : إذ يجب عدم تهديد الطفل حينما يخطئ ، أو حتى يكف عـن سـلوكه غير المستجيب بالنسبة للوالدين ، وذلك باستعمال عبارات التهديد والوعيد وأساليب التخويف.
- توفير المثل الأعلى الذي يقلده الطفل : حيث أن الخوف كغيره من الانفعالات الأخـرى ينتقل من فرد لأخر بالتقليد والمحاكاة.
- عدم السخرية من الطفل و الاستهزاء به : أي السخرية من خوفه من الحـادث التافـه في نظرهم ، وعدم الضحك من أسئلة وإجابته كذباً مما يدعم الخوف في نفسه.
- استخدام أساليب التربية الصحيحة : فلا يجب أن يتشاجر الكبار خاصة الوالـدين أمـام الطفل لأنه بذلك يفقد ثقته بمن حوله ، الأمر الذي ينعكس على ثقته في نفسه ، وتبدأ مشاعر القلـق والخوف في الظهور.
علاج الخوف عند الأطفال
- يمكن أن تتم معالجة الخوف عند الأطفال بواسطة العلاج النفسي تحت إشراف معالج نفسي مختص ، من خلال التحليل واستحضار الخبرات المؤلمة التي تسبب الخوف ، حيث يقوم المعالج بمناقشتها مع الطفل ، وقد يستخدم التنويم المغناطيسي في العلاج إن استدعت الحالة.
- ترك الأطفال يعبرون عن مخاوفهم صراحة ، كي يتمكن الأهل من إزالتها عن طريق الشرح والإقناع والتوضيح.
- تعويد الطفل على الاعتماد على ذاته تدريجياً وتخليصه من حماية الأهل له ، لأن الإكثار من العطف الزائد والرعاية الزائد تضر أكثر من النفع.
- عدم تهديد الطفل بحبسه بغرفة مظلمة أو تنفيذ التهديد.
- تجنب مشاهدة الطفل لأفلام الرعب والاستعاضة عنها ببرامج مخصصة للأطفال تعمل على تثقيفهم وتنمية مهاراتهم ، بدلاً من إثارة مخاوفهم .{9}
- حرص الآباء على غرس الشعور بالأمن في نفس الطفل من خلال التعاطف معه وفهم أفكاره ومشاعره ومشاركته فيها.
- ينبغي مراعاة طبيعة نمو الطفل ورغبته في استطلاع ما حوله واستكشاف الأشياء المحيطة به ، لذا يجب التقليل من الأمور والنواهي التي تقيد حرية الطفل وتجعله يدرك أن الأشياء الممنوع منها هي أشياء مخيفة.
- مساعدة الطفل على تجاوز أي حادثة خوف يتعرض له بهدوء وتعقل شديدين ، فلا يُترك الطفل دون مناقشة ما حدث أثناء خوفه.
- يجب على الأهل أن يكونوا قدوة للأطفال ، فلا يظهروا خوفهم أمام الطفل حتى لا يقلدهم.
المراجع
- [ عبد اللاوي سعدية / المشكلات النفسية والسلوكية لدى أطفال السنوات الثلاث الأولى ابتدائي / رسالة ماجستير / جامعة مولود معمري / 2012 ]
- [عبد المنعم الميلادي / مشاكل نفسية يواجها الطفل/ مؤسسة شباب الجامعة / الإسكندریة / 2006 / ص 136]
- [ محمد داود عبد الباري/ الصحة النفسية للطفل/ ایتراك للنشر/ القاهرة / الطبعة الأولى/ 2004 / ص 1]
- [ حمزة الجبالي / مشاكل الطفل و المراهق النفسية / دار أسامة / عمان / الطبعة الأولى / 2006 / ص 83]
- [عكاشة عبد المنان / الخوف والقلق عند الأطفال / دار الجيل / بيروت / الطبعة الأولى / 1999 / ص 13]
- [ أحمد محمد الزغبي / مشكلات الأطفال النفسية والسلوكية / دار الفكر دمشق / الطبعة الأولى / 2005 / ص 22]
- [ جمال القاس/ الاضطرابات السلوكية / دار صفاء/ عمان/ الطبعة الأولى/ 2000 / ص 150]
- [ نبيلة عباس الشوربجي / المشكلات النفسية للأطفال أسبابها وعلاجها / دار النهضة العربية / القاهرة / الطبعة الأولى / 2003]
- [ مصطفى عبد المعطي/ الاضطرابات النفسية في الطفولة والمراهقة / دار القاهرة / القاهرة / الطبعة الأولى / 2003]
- [ محمد أيوب الشحيمي/ مشكلات الأطفال كيف نفهمها / دار الفكر اللبناني/ بيروت / الطبعة الأولى / 1994]